مناسبات الشهر
مناسبات شهر شوال 1 شوال عيد الفطر المبارك. هلاك عمرو بن العاص في مصر سنة (41هـ).   3 شوال معركة الخندق سنة (5هـ) على رواية. هلاك المتوكل العباسي بأمر ابنه المنتصر سنة (247هـ).   4 شوال غزوة حنين سنة (8هـ) على رواية. ضُربت فيه السكة (النقود) باسم الإمام الرضا (ع) سنة (201هـ). وفاة الشيخ حسين الحلي (قد) سنة (1394هـ).   5 شوال خروج أمير المؤمنين (ع) من النُّخيلة متوجهاً إلى صفين لمواجهة معاوية سنة (36هـ). وصول مبعوث الامام الحسين (ع) مسلم بن عقيل الى الكوفة سنة (60هـ).   6 شوال رد الشمس لأمير المؤمنين (ع) ببابل سنة (36هـ) بعد رجوعه من قتال الخوارج. خروج أول توقيع من الإمام المهدي (ع) إلى سفيره ونائبه الثالث الحسين بن روح النوبختي (رض) سنة (305هـ).   8 شوال الهدم الثاني لمراقد البقيع الطاهرة من قبل الوهّابيين سنة (1344هـ/ 1924م).   12 شوال وفاة الشيخ البهائي (قد) سنة (1030هـ).   13 شوال وفاة السيد حسين البروجردي (قد) سنة (1380هـ).   14 شوال هلاك عبد الملك بن مروان بن الحكم بدمشق سنة (86هـ). وفاة السيد عبد العظيم الحسني (رضوان الله عليه) سنة (252هـ). وفاة الشيخ قطب الدين الراوندي (قد) سنة (573هـ).   15 شوال معركة احد وشهادة حمزة سيد الشهداء (ع) سنة (3هـ). رد الشمس للإمام أمير المؤمنين (ع) في المدينة المنورة في مسجد الفضيخ والمعروف بمسجد رد الشمس سنة (3هـ). غزوة بني القنيقاع سنة (2هـ).   16 شوال وفاة الشيخ عبد الله المامقاني (قد) سنة (1351هـ).   17 شوال غزوة بني سليم سنة (2هـ). وفاة أبي الصلت الهروي (رض) بعد خروجه من سجن المأمون سنة (203هـ).   18 شوال وفاة الشيخ محمد بن إدريس بن أحمد الحلي (ره) المعروف بـ(ابن إدريس) سنة (598هـ). 19 شوال   20 شوال القبض على الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع) وترحيله من المدينة إلى العراق قسراً وحبسه بأمر هارون العباسي سنة (179هـ).   23 شوال وفاة السيد نعمة الله الجزائري (قد) سنة (1112هـ).   25 شوال شهادة الامام جعفر بن محمد الصادق (ع) سنة (148هـ).   27 شوال خروج النبي الأكرم (ص) الى الطائف لدعوتهم الى الإسلام.   29 شوال وفاة الشيخ الوحيد البهبهاني (قد) سنة (1205هـ).

الحُسين (عليه السلام) عِبرة وعَبرة

الشيخ مفيد آل حيدر

 

      روي عن الامام الصادق (عليه السلام) (كل الجزع و البكاء مكروه سوى الجزع و البكاء على الحسين)[1] ، وقد ورد هذا المعنى بمضامين عدة  تثبت أهمية الحزن والبكاء بل التباكي على الحسين وفضل الدموع الجارية حزنا وكمدا على ابن النبي الهادي (صلوات الله عليه)، وفي هذا المجال تجد الحث الشديد والمؤكد على ذكره في كل آن وزيارته على البعد إن لم يتمكن من الحضور عنده لبعد ونحوه وقد وردت بطرق معتبرة زيارات مخصوصة  في مناسبات عامة أو خاصة، وتبعا لذلك جرت سيرة الشيعة بعد واقعة عاشوراء الفظيعة ولعل الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الانصاري يعد من أوائل من قصدوا كربلاء لغرض أداء هذه الشعيرة بما يوحي أن المسألة كانت واضحة لديه على الرغم من كبر سنه وضعفه البدني.

      ويحدثنـا تأريخ المشهد الحسيني المبارك تقلبات كثيرة وأحداثا جساما قد جرت عبر العصور منعا وتضييقا على زوار تلكم البقعة المباركة وقد وصلت الامور الى قطع الايدي بعد فرض الاموال على زائريه ورغم ذلك لم يرتدع محبوه ولا آيس عاشقوه عن زيارته ووفادته.

      ووصل الامر بالسلطات المجرمة التي كانت تمترس بالدين الاسلامي كذبا وزورا -كما هو الحال في كل عصر- الى محاولة محو القبر واجراء الماء عليه والتنكيل بشيعته (صلوات الله عليه) وليس أخر ذلك ما رأيناه وشهدناه في عصرنا الحالي من تدنيس وتدمير للحضرة المقدسة وتدمير المدن المقدسة من قبل البعثيين وأذنابهم مما يوحي أن عداء الظالمين ل آل البيت قديم ومستمر الى أن يرث الله الارض ومن عليهــا.

       وهنا ينبغـي لنـا أن نتساءل: نحن نتيقن أن جد الحسين أفضل منه بل هو أفضل الموجودات، فلم هذا الحث الاكيد على ذكره وزيارته رغم كل تلك المخاطر وحفظ النفس واجب كما قرره الشرع الاقدس فمما ورد في ثواب زيارته (صلوات الله عليه واله):

  1. عن الإمام الصادق (عليه السلام): من زار الحسين (عليه السلام) عارفا بحقه كتب الله له ثواب ألف حجة مقبولة، وألف عمرة مقبولة وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر[2].
  2. عنه (عليه السلام): من لم يأت قبر الحسين (عليه السلام) حتى يموت كان منتقص الدين، منتقص الإيمان وإن ادخل الجنة كان دون المؤمنين في الجنة[3].
  3. وعن الإمام الباقر (عليه السلام): إن الحسين بن علي كان يزور قبر الحسن (عليه السلام) في كل عشية جمعة[4].
  4. عن الإمام الرضا (عليه السلام): فضل زيارة قبر أمير المؤمنين على زيارة قبر الحسين كفضل أمير المؤمنين على الحسين (عليه السلام)[5] وهنا نرى الحث على زيارة أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد الفراغ من فضيلة زيارة أبي عبد الله (عليه السلام) لان قبر امير المؤمنين ظل مخفيا لستين سنة او أكثر بينما قبر الحسين معروف ويزار حينذاك.

      وهذا غيض من فيض الكم الكبير مما وصل الينا من الروايات التي تبين فضيلة زيارة سيد الشهداء والبكاء عنده في مختلف الاوقات والظروف.

      والجواب عن هذا التساؤل يستدعي أن نذكر أمورا تنفع في المقام

  1.  مكانة الامام الحسين وأهل البيت (عليهم السلام) عمومـا في ضمير الامة الاسلامية على اختلاف مشاربهـا وتنوع مذاهبهـا حيث إتفقت الكلمة على انهم معدن العلم والحكمة وتردد على لسان المحب والمبغض ذكرهم وبيان منزلتهم كما اشتهر (لولا علي لهلك عمر)[6] او قول الاخر (لولا السنتان لهلك النعمان)[7] فهذا وامثاله مؤشر غير خفي على خطورة دورهم ليس في ضمن الإطار الديني بل في صلب المسيرة الاجتماعية والحياة العامة.
  2.  بعد الفراغ عن كون آل البيت ممن صحب النبي (صلوات الله عليه واله) وبعيدا عن مضمون نظرية -عدالة الصحابة- المدعاة من قبل بعض العامة نجد أن الروايات من طرق الخاصة و العامة أكدت على قيمة أهل البيت وحتمية قيادتهم للامة ، هذه الامة التي أبت الا الانقلاب على عدل الكتاب وحماة الدين في أول منعطف خطير مرت به بعد وفاة خاتم المرسلين (صلى الله عليه واله وسلم) وهو يوم السقيفة المشؤوم، وحتى بعد انكشاف حقيقة الامور في خلافة الثالث ورجوعها بعد مقتله الى بيعة الامام الحق لم تثبت على المبادئ التي انزلت على النبي (صلى الله عليه واله وسلم) وتاهت في خضم الفتن المتتالية لانهم لم يتمسكوا بالقران الناطق الذي أوصاهم به الرسول (صلوات الله عليه واله) في أحاديث ومواقف عديدة منها في خطبة الغدير المتواترة (أخرج ابن عقدة: عن جابر بن عبد الله قال: كنا مع النبي (صلى الله عليه واله وسلم) في حجة الوداع فلما رجع إلى الجحفة نزل ثم خطب الناس فقال : أيها الناس إني مسؤول وأنتم مسؤولون فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد انك بلغت ونصحت وأديت. قال: إني لكم فرط وأنتم واردون علي الحوض وإني مخلف فيكم الثقلين إن تمسكتم بهما لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. ثم قال: الستم تعلمون أني أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى. فقال آخذا بيد مولاه: من كنت مولاه فعلى مولاه. ثم قال: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه[8] .،  ومثله ما ورد (أخرج ابن عقدة: من طريق عروة بن خارجة عن فاطمة الزهراء (رضي الله عنها) قالت: سمعت أبى (صلى الله عليه واله وسلم) في مرضه الذي قبض فيه يقول، وقد امتلأت الحجرة من أصحابه: أيها الناس يوشك أن أقبض قبضا سريعا وفد قدمت إليكم القول معذرة اليكم، ألا وإني مخلف فيكم كتاب ربي عز وجل وعترتي أهل بيتي (عليهم السلام)، ثم أخذ بيد علي فقال: هذا علي مع القرآن والقرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا على الحوض فأسألكم ما تخلفوني فيهما[9]. وبنفس المضمون روايات كثيرة إضافة الى ورود الروايات الموكدة لفضلهم بالخصوص من قبيل (أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا جرير عن يزيد عن عبد الرحمن بن أبي نعيم عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه: وسلم الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وفاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلا ما كان من مريم ابنة عمران) [10] ، و(حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ أَنَّ يَعْلَى بْنَ مُرَّةَ حَدَّثَهُمْ أَنَّهُمْ خَرَجُوا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى طَعَامٍ دُعُوا لَهُ فَإِذَا حُسَيْنٌ يَلْعَبُ فِي السِّكَّةِ قَالَ فَتَقَدَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَامَ الْقَوْمِ وَبَسَطَ يَدَيْهِ فَجَعَلَ الْغُلَامُ يَفِرُّ هَا هُنَا وَهَا هُنَا وَيُضَاحِكُهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَخَذَهُ فَجَعَلَ إِحْدَى يَدَيْهِ تَحْتَ ذَقْنِهِ وَالْأُخْرَى فِي فَأْسِ رَأْسِهِ فَقَبَّلَهُ وَقَالَ حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنْ الْأَسْبَاطِ)[11]. وقوله (حدثني أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم الهذلي حدثنا سفيان عن عمرو عن ابن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها)[12] وماورد في كتب الخاصة من الاخبار المستفيضة في بيان فضلهم مما ملاء الخافقين تثبت هذه الحقيقة ان أهل البيت (عليهم السلام) هم الاسرة الالهية التي أمتحن الله بهم عباده (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ)[13] فبطاعتهـم تنال رضى الله جل جلاله ولكن الذي حصل هو العكس فقتلوا وشردوا وانتهك حقهم وكلهم ما بين قتيل ومسموم وتحقق الانقلاب الذي وصف في قوله تعالى (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ)[14] ولم يثبت على طاعتهم الا القليل ممن  آمن بالنبي (صلى الله عليه وآله) فقتل من قتل وسبي من سبي من شيعتهم ومحبيهم وجرى القضاء  بما يرجى لهم حسن المثوبة.
  3. إن لكل صاحب عمل أجراً يستحقه ويستوي في ذلك الخطير والحقير وهذا بحكم العقل والشرع إلا أن يتنازل صاحب الحق او العمل عن ذلك، ونحن نعلم أن الانبياء عامة والنبي خاصة له أجر عظيم حيث بفضله نقلت الانسانية نقلات كبيرة من الرقي والكمال لا يمكن أن يتحقق بدونه فما هو اجر الرسالة؟

      يقول البارئ في محكم كتابه المجيد (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا)[15] فجعل لكل صاحب عمل اجر محفوظا لا يضيع وقوله (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ)[16] وقوله) فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)[17]بيان أن اجر الرسالة ليس من النبي وانما هو مأمور بالتبليغ وثواب عمله من الله عز وجل ويبينها قوله تعالى (ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ)[18] وأهل البيت (عليهم السلام) القدر المتيقن فرضا وواقعا من قرابة لنبي (صلى الله عليه وآله) بشهادة التأريخ والوجدان ومما ورد في معنى القربي في كتبهم (حدثنا الحسن بن على بن عفان ثنا محمد بن خالد عن يحيى بن ثعلبة الأنصاري عن عاصم بن أبى النجود عن زر عن عبد الله قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير فهتف به أعراب بصوت جهوري يا محمد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا هناه فقال يا محمد ما تقول في رجل يحب القوم ولم يعمل بعملهم قال المرء مع من أحب قال يا محمد إلى من تدعو قال إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت قال فهل تطلب على هذا أجرا قال لا إلا المودة في القربى قال أقربائي يا محمد أم قرباؤك قال بل قربائي قال هات يدك حتى أبايعك فلا خير فيمن يودك ولا يود قرباءك)[19] ومنه ماورد في تفسير قوله تعالى (وآت ذي القربى حقه) حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة، قوله (وآتِ ذَا القُرْبى حَقَّهُ) قال: صلته التي تريد أن تصله بها ما كنت تريد أن تفعله إليه. حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ) قال: هو أن تصل ذا القرابة والمسكين وتُحسن إلى ابن السبيل. وقال آخرون: بل عنى به قرابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم).

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمارة الأسدي، قال: ثنا إسماعيل بن أبان، قال: ثنا الصباح بن يحيى المزَنيّ، عن السُّديّ، عن أبي الديلم، قال: قال عليّ بن الحسين (عليهما السلام) لرجل من أهل الشام: أقرأت القرآن؟ قال: نعم، قال: أفما قرأت في بني إسرائيل (وآتِ ذَا القُرْبى حَقَّهُ) قال: وإنكم لَلْقرابة التي أمر الله جلّ ثناؤه أن يُؤتى حقه، قال: نعم[20]. وهذا الحديث مجمع عليه في روايات العامة وثابت عند الفرقة المحقة.

 وليس من اليسير الحديث عن العلل والغايات التي جعلت غرضا لهذا الحث على زيارة سيد الشهداء (عليه السلام) ويمكن أن تجمل أن الزيارة يحصل بسببها المعرفة بحقيقة الدين كما قيل الاسلام محمدي الوجود حسيني البقاء ومن الطبيعي أن طاعة الامة لقرابة النبي ومحبتهم لهم بل وتفضيلهم على غيرهم هو المصداق لطاعة المولى وامتثال أوامره وبه يتحقق أجر الرسالة.

      بعد بيان ما سبق ذكره ينقدح تساؤل آخر في الذهن هو: ما الحكمة من فرض طاعة أهل البيت ومحبتهم ولو بالمعنى الاشمل ونحن نعرف أن الامة قد جعلت عليها تكاليف وواجبات وضرائب مالية ليست بالقليلة أفليس هذا تكليف بالمعسور؟

      وللجواب عنه نقول:

      لو التفتنا الى علة خلق الانسان كما في قوله تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)[21] فالغرض الاهم هو العبادة وقوله (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ)[22] ولكن عمارة الارض واستصلاحها وعبادة الباري تحتاج الى مرشد عاقل حكيم ويحتاج الى طاعة هذا المعلم ولا تكون الطاعة الصحيحة الا بالحب والانقياد والتسليم له في معظم أو كل أوامره ونواهيه لذلك جعل الله رحمة بنا ولطفاً بعباده أنبياء وأئمة يهدون بأمره لما علموا من طريق الحق والصلاح .

      وقد رأينا كيف جرى الحال بعد أن رحل الانبياء السابقين لنبينا محمد (صلى الله عليه وآله) من انقلاب وكيف حرفت كتبهم وتعاليمهم والامر نفسه كان له أن يجري على امتنا لولا وجود القرآن الناطق وهم قرابة النبي وأهل بيته (عليهم السلام) وبسبب مواقفهم ورفضهم للظلم والتحريف وابعاد اصحاب الحق الشرعي غصب حقهم وحرموا من العطاء كما ورد في قصة فدك التي نحلها النبي (صلى الله عليه وآله) في حياته للزهراء واخرجت من يدها بعد وفاته في قصة معروفة (قرأت على الحسين بن يزيد الطحان هذا الحديث فقال: هو ما قرأت على سعيد بن خثيم، عن فضيل، عن عطية، عن أبي سعيد قال: «لما نزلت هذه الآية ( وآت ذا القربى حقه دعا النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة وأعطاها فدك )[23]وأستمر منع ال البيت من العطاء طيلة مدة خلافة الاول اضافة الى ابعادهم وتمكين اعداء الدين ومناويهم.

      ومن المتوقع بعد تسلط الظلمة أن ينحاز الناس لتيار السلطة وان يدينوا بدينهم –والناس على دين ملوكهم– كما هو الغالب في كل زمان بل وأن ينسب الدين اليهم وتنشد الشعراء بمدحهم ، ولعل أخطر ما مرت به الامة الاسلامية هي فترة حكم الامويين الذين تسلموا زمام الامور قبيل خلافة الثالث فأنتشرت المنكرات وشاعت الفاحشة واستبيحت الدماء وعادت الامور كسروية او قيصرية وانتشر داء خطير من الخنوع واليأس والتردد لدى الامة كما حدث اواخر خلافة أمير المؤمنين (قد كانت حروب الجمل وصفّين والنهروان ، والحروب الخاطفة التي نشبت بين القطع السورية وبين مراكز الحدود في العراق والحجاز واليمن بعد التحكيم قد ولّدت عند أصحاب الإمام (عليه ‌السلام) حنيناً إلى السلم والموادعة؛ فقد مرّت عليهم خمس سنين وهم لا يضعون سلاحهم من حرب إلاّ ليشهروه في حرب أخرى، وكانوا لا يحاربون جماعات غريبة عنهم، وإنّما يحاربون عشائرهم وإخوانهم بالأمس ، ومَنْ عرفهم وعرفوه ....

      وما نشكّ في أنّ هذا الشعور الذي بدأ يظهر بوضوح في آخر عهد علي (عليه ‌السلام) إثر إحساسهم بالهزيمة أمام مراوغة خصمهم في يوم التحكيم ، أفاد خصوم الإمام (عليه السلام) من زعماء القبائل ومن إليهم ممّن اكتشفوا أنّ السياسة لا يمكن أن تُلبّي مطامحهم التي تُؤججها سياسة معاوية في المال والولايات فحاولوا إذكاء هذا الشعور والتأكيد عليه ، وقد ساعد على تأثير هؤلاء الزعماء ونفوذهم في أوساط المجتمع الرّوح القبلية التي استفحلت في عهد عثمان بعد أن اُطلقت من عقالها بعد وفاة النبي (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله)[24] وبعد وفاة الامام علي (عليه السلام) ولكثرة الخيانات ولاختراق جيش العراق من قبل الامويين اغراءا وتهويلا لجا الحسن (عليه السلام) للصلح مضطرا لدرء الفتنة وليحافظ على البقية الباقية من أصحابه الرساليين وانتظارا لظروف افضل ولما تتهيأ هذه الظروف طيلة حياة معاوية الذي لجأ الى الحيلة في التخلص من الامام الحسن فانفذ الى زوجته جعدة بنت الاشعث سُمأ ومناها بزواجها من ابنه يزيد.

      وهكـذا بَقـي الحسين وحيـدا بعد أن رحل عن الدنيا بقية اصحاب الكساء صلوات الله عليهم، وبقيت الامة تنظر اليه أنه الوريث الحقيقي للنبي (صلى الله عليه وآله) ولما لم تنفع العلاجات السابقة لاستنهاض الامة ولا ارتدع اصحاب الباطل عن غيهم بل تطور الامر الى أن يولى الخلافة رجلٌ معروف بالفجور والمنكرات وادى سكوت الامة وخنوعها الى ان يقف الحسين وقفته المشهودة ويقول كلمته الخالدة (لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر اقرار العبيد اني عذت بربي وربكم ان ترجمون)[25].

      مبينا أن السكوت ومهادنة الظالمين لا يجوز مع وجود الناصر وظل متمسكا بنهج جده المصطفى حتى أستشهد والخيرة من أهل بيته وأصحابه صلوات الله عليهم ولتستيقظ الامة على هول الفاجعة العظمى التي هزت الضمائر الحيةفي كل شبر من المعمورة وليبقى الحسين نموذجا للتضحية والفداء.

 


[1]- امالي الطوسي ج1 ص181.

[2]- امالي الطوسي ج1 ص242.

[3]- البحار ج 14 ص 4.

-[4] قرب الإسناد: 139 / 492.

-[5] البحار ص262 ج 14.

-[6] الاستيعاب: ج2 ترجمة الامام علي (عليه السلام).

-[7] الصواعق المحرقة 307.

[8]- ينابيع المودة ج1 ص114.

-[9] ينابيع المودة ج1 ص112.

[10]- السنن الكبرى ج5 ص145.

-[11] سنن إبن ماجه ج1 ص 165.

[12]- صحيح مسلم ج4 ص 1902 باب فضل فاطمة بنت النبي.

[13]- سورة إبراهيم آية 24.

[14]- آل عمران اية 144.

-[15] الكهف آية 30.

-[16] سورة ص آية 86.

[17]- يونس آية 72.

[18]- الشورى آية 23.

[19]- مسند الشاشي ج2 ص 127.

-[20] تفسير الطبري سورة الاسراء آية 26 ص 284.

[21]- الذاريات آية 56.

[22]- هود اية 61.

-[23] مسند أبي يعلى الموصلي ج3 ص 81.

-[24] ثورة الحسين للشيخ محمد مهدي شمس الدين ج1 ص 112.

-[25] الطبري ج4 ص323.

عن أبي عبد الله عليه السلام قال: طلب العلم فريضة.                                                                                                                                                            الكافي

الفيديو

دور التربويين في تحقيق غاية الدين - شيخ ستار الدلفي
2019 / 03 / 24 5228

دور التربويين في تحقيق غاية الدين - شيخ ستار الدلفي

أخر الأخبار

الصوتيات

2018/3/15

سورة الفرقان

2018/3/15

سورة النور

2018/3/15

سورة المؤمنون

2018/3/15

سورة الحج



الصور