التقسيم الثالث للخبر
وهو أنّ الخبر بالنسبة إلى النقل ينقسم إلى: المشهور، والنادر.
أمّا المشهور: فهو كلّ خبر كان راويه ثلاثة أشخاص أو أكثر في جميع الطبقات، أو في طبقة واحدة. فهو دون المتواتر الّذي يحصل معه العلم بصدق الخبر، كما أنّه فوق المستفيض، فإنّ الخبر إذا كان راويه في جميع الطبقات اثنين، أو أكثر قيل له العزيز، أو المستفيض، فلا يكون المستفيض أقل من اثنين في جميع الطبقات، بخلاف المشهور فإنّه يكتفى بالكثرة ولو في طبقة واحدة، نعم يشترط فيه أن لا يقل عن ثلاثة. وقد يقال: إنّ المشهور والمستفيض بمعنى واحد، وقيل: هما مختلفان بالأعم من وجه، إذ يعتبر في المستفيض التعدد في جميع الطبقات بخلاف المشهور، ويعتبر في المشهور أن لا يقل عن ثلاثة بخلاف المستفيض فيكفي فيه الاثنان. وذهب بعضهم إلى عدم العدد في صدق الشهرة واكتفى من الشهرة بمعناها اللغوي، وقال: يكفي في الشهرة كون الخبر مشهوراً على الألسن وإن لم يوجد له مصدر في الموسوعات الروائية، مثل قوله (صلى الله عليه وآله): «إنّما الأعمال بالنّيات»[1]، أو قوله (صلى الله عليه وآله): «على اليد ما أخذت حتّى تؤدي»[2]، أو قوله (صلى الله عليه وآله): «من بشرني بخروج آذار بشرته بالجنّة»[3]، أو قوله (صلى الله عليه وآله): «من آذى ذمّياً فأنا خصيمه يوم القيامة»[4]، وأمثال ذلك.
وأمّا النادر: فهو ما كان راويه واحداً لا أكثر، ولعلّ هذا هو السبب في إطلاق اسم باب نادر أو باب النوادر على بعض الروايات الواردة في خاتمة بعض الكتب الروائية. ثمّ إنّ بعض الكتب سميت بالنوادر مثل نوادر الحكمة، ونوادر أحمد بن محمّد بن عيسى، ونوادر البزنطي وغيرها، والظاهر أنّ المراد منها معنى آخر غير هذا المعنى الاصطلاحي ولذا عدّ بعض هذه النوادر من الأصول كما يستفاد من كلام النجاشي وغيره.[5]
[1]- الوسائل: 1: 48، ب 5 من أبواب مقدمة العبادات، ح 89، وح 92. نشر مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث. (المصحح).
[2]- مستدرك الوسائل: 14: 7، ب 1 من كتاب الوديعة، ح 12. نشر مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث. (المصحح).
[3]- جواهر العقود: 1: 397 نشر دار الكتب العلميّة ـ بيروت. (المصحح).
[4]- الجامع الصغير: 2: 547 / 8270، نشر دار الفكر ـ بيروت. (المصحح).
[5]- أصول علم الرجال ج1 ص 415 - 416 (بتصرف)