في يوم 18ذي لحجة سنة 10هـ عقد رسول الله صلى الله عليه وآله لمولانا امير المؤمنين عليه السلام العهد بالامامة في رقاب الامة كافة وذلك بغدير خم وعند رجوعة من حجه الأخير المعروف بحجة الوداع.
حين جمعهم وخطب ووعظ ونعى اليهم نفسه الشريفة صلوات الله عليه ثم قررهم على فرض طاعته حسب ما نزل به القرآن. وقال لهم اثر ذلك: فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله.
ثم نزل صلى الله عليه وآله فأمر كافة من معه بالتسليم عليه يأمرة المؤمنين تهنئة له بالمقام (مقام الولاية) وبخبخ له الثاني كما هو معروف بقوله (بخ بخ لك ياأبن ابي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة).
وحفظ لنا التاريخ ان حسان الشاعر ذكر شعراً في ذلك اليوم:
يناديهم يوم الغدير نبيّهم***بخمّ واسمع بالرسول منادياً
يقول علي مولاكم ووليكم***فقالوا ولم يعبر هناك التعاميا
إلهك مولانا وأنت نبيّنا***ولم تلق منّا في الولاية عاصيا
فقال له: قم يا علي فإنّني***رضيتك من بعدي إماماً وهادياً
فمن كنتُ مولاه فهذا وليّه***فكونوا له أنصار صدق موالياً
هناك دعا اللهمّ وال وليّه***وكن للذي عادى علياً معاديا
وانزل الله في خاتمة كلامه صلوات الله وسلامه عليه (اليوم أكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) المائدة 3
ذكر الشيخ المفيد في مسارة:
أن هذا اليوم هو يوم عيد عظيم بما اظهره الله تعالى من حجتة وأبانه من خلافة وحي نبيه وأوجبه من العهد في رقاب بريته، ويستحب صيامة شكرا لله تعالى على جليل النعمة فيه. (مسار الشيعة ص38-40)
وذكر المفيد في ارشادة: لما قضى رسول الله صلى الله عليه وآله نسكه اشرك علي عليه السلام في هديه، وقفل الى المدينة وهو معه والمسلمون حتى انتهى الى الموقع المعروف بـ غدير خم، وليس موضع اذ ذاك للنزول لعدم الماء فيه والمرعى، فنزل صلى الله عليه وآله في الموقع ونزل المسلمون معه.
وكان سبب اختياره للمكان صلى الله عليه وآله، نزول القرآن عليه بنصية اميرالمؤمنين خليفة في الامة بعده، وقد كان تقدم الوحي اليه في ذلك من غير توقيت له، فأخره لحضور وقت يأمن فيه الاختلاف منهم، وعلم بما انه تجاوز غدير خم انفصل عنه كثير من الناس الى بلادهم وأماكنهم وبواديهم، فأراد الله تعالى ان يجمعهم لسماع النص على أمير المؤمنين عليه السلام تأكيدا للحجة عليهم فيه، فأنزل جلت عظمته عليه (يا أيها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك...)المائدة 67
يعني استخلاف علي بن ابي طالب امي المؤمنين عليه السلام والنص بالامامة عليه (وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) [المائدة 67] فنزل رسول الله صلى الله عليه وآله المكان (غدير خم) ونزل المسلمون حوله وكان يوما قائظاً شديد الحر فامر رسول الله صلى الله عليه وآله بدوحات هناك فقم ما تحتها، وامر بجمع الرحال في ذلك المكان ووضع بعضها على بعض، ثم امر مناديه فنادى في الناس بالصلاة.
فاجتمعوا من رحالهم اليه، وإن أكثرهم ليلف رداءة على قدميه من شدة الرمضاء، فلما اجتمعوا صعد عليه وآله السلام على تلك الرحال حتى صار في ذروتها. ودعا أمير المؤمنين عليه السلام، فرقي معه حتى اقام عن يمينه، ثم خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ فأبلغ في الموعظة، ونعى الى الامة نفسه، فقال عليه وآله السلام (إني قد دعيت ويوشك ان اجيب.. وإني مخلف فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ابداً: كتاب الله وعترتي اهل بيتي. وإنهما لن يفترقى حتى يردا عليّ الحوض).
ثم نادى باعلى صوته: (ألست أولى بكم من أنفسكم)؟
فقالوا: اللهم لى، فقال لهم على النسق، وقد أخذ بصبعي أمير المؤمنين عليه السلام فرفعهما حتى رئي بياض ابطيهما وقال: (فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه...).
ثم نزل صلى الله عليه وآله: -وكان وقت الظهيرة- فصلى ركعتين ثم زالت الشمس فأذن مؤذنه لصلاة الفرض، فصلى بهم الظهر، وجلس صلى الله عليه وآله في خيمته وأمر علياً أن يجلس في خيمة له بأزائه، ثم امر المسلمين أن يدخلوا عليه فوجاً فوجاً ويسلموا عليه بأمرة المؤمنين، ففعل الناس ذلك كلهم، ثم امر أزواجه وجميع نساء المؤمنين معه أن يدخل عليه ويسلمن عليه بإمرة المؤمنين ففعلن. الارشاد ج1 ص174، ومثله البحار ج21 ص386
وروى عن ابي سعيد الخدري في خبر المناقب (ثم قال صلى الله عليه وآله: يا قوم هنئوني هنئوني، إن الله حضني بالنبوة، وخص أهل بيتي بالامامة) مناقب بن شهر اشوب ج2 ص237.